Mr. Ahmed Kormod
@akormod
الرئيسية » بوابة الخلود تُشرع للعالم: مهد الحضارة يشهد تدشين المتحف المصري الكبير

بوابة الخلود تُشرع للعالم: مهد الحضارة يشهد تدشين المتحف المصري الكبير

الرئيس السيسي وقرينته وضيوف افتتاح المتحف المصري الكبير خلال جولة داخل قاعات العرض لمشاهدة كنوز توت عنخ آمون.

بلاك كات 24 : القاهرة _ في ليلةٍ ستبقى خالدةً في ذاكرة التاريخ، وتحت رعاية وحضور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، أشرقت شمس الحضارة المصرية من جديد لتُبهر العالم بأسره بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير.

صورة جماعية لقادة ورؤساء وضيوف حفل افتتاح المتحف المصري الكبير أمام واجهة المتحف المضيئة وشعاره.

ففي الأول من نوفمبر 2025، شهدت أرض الجيزة، مهد الأهرامات، التدشين الأسطوري لـ “المتحف المصري الكبير”، الصرح الذي لا يُعد الأكبر في العالم فحسب، بل هو “الهرم الرابع” الذي يروي قصة العبقرية المصرية الممتدة عبر آلاف السنين.
لم يكن الحفل مجرد افتتاح، بل كان سيمفونية بصرية وحضارية. حيث عانقت عروض الدرونز المضيئة سماء القاهرة، راسمةً قناع الملك الشاب “توت عنخ آمون” بجوار الأهرامات الخالدة، فيما انطلقت الألعاب النارية لتضيء هضبة الجيزة، مُعلنةً للعالم أن مصر، مهد الحضارات، تواصل رحلة الإبداع وتقدم هديتها للإنسانية. ومن الجدير بالذكر أن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير كان استثنائياً بكل المقاييس.
فخامة الرئيس يرحب بالعالم على أرض الكنانة
من قلب هذا الصرح الشامخ،
وبفخر واعتزاز يليقان بمصر وتاريخها، رحب فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بضيوف مصر الكرام من قادة العالم وملوكه ورموزه الكبار. كان حضورهم شهادة عالمية على مكانة مصر كملتقى للحضارات وقلعة للأمان. في حفل الافتتاح، أكد الرئيس على أهمية المتحف الكبير.
بكلماتٍ جسّدت الدور المصري، أكد فخامة الرئيس أن هذا المتحف “ليس مجرد مجموعة من الكنوز،
بل هو رسالة سلام وحوار بين الشعوب، وشهادة حية على عبقرية الإنسان المصري الذي بنى الأهرامات بالأمس، ويبني الجمهورية الجديدة اليوم”. وأشار سيادته إلى أن المتحف “يجمع بين عبقرية المصري القديم وإبداع المصري المعاصر”، مؤكدًا على أهمية افتتاح المتحف المصري الكبير في تعزيز دور مصر الإنساني كحافظة للتراث العالمي وداعمة للسلام.

المتحف المصري الكبير بمنظوره الخارجي عند الغروب، تظهر المسلة المعلقة ومدخل المتحف بتصميمه الهرمي المضاء.


المتحف: إعجاز معماري على خطى الأجداد
إن المتحف المصري الكبير، الذي يمتد على مساحة تقارب 500 ألف متر مربع بتكلفة تجاوزت المليار دولار، هو في حد ذاته تحفة معمارية.
صُمم المشروع (لشركة Heneghan Peng Architects) ليحقق حواراً بصرياً مباشراً مع أهرامات الجيزة الخالدة. واجهته المثلثية العملاقة من الحجر الشفاف (الألبستر) تبدو وكأنها “وشاح” يرتفع ليكشف عن كنوز الماضي، بينما يمتد محوره الرئيسي ليوازي شعاعاً شمسياً يتجه مباشرة نحو الأهرامات.
عند المدخل، لا يستقبلك مجرد مبنى، بل يستقبلك التاريخ مجسداً في تمثال رمسيس الثاني العظيم، الذي يقف بشموخ يبلغ 83 طناً، كحارس أبدي لبوابة الخلود. ومنه، ينطلق الزائر عبر “الدرج العظيم”، وهو تحفة فنية بحد ذاته، تزينه 87 قطعة أثرية ضخمة لملوك وآلهة مصر، ليصعد الزائر في رحلة عبر الزمن.
كنوز لا مثيل لها: حيث يلتقي الماضي بالمستقبل
لأول مرة في التاريخ، يجد العالم كنوز الملك توت عنخ آمون كاملةً في مكان واحد. أكثر من 5000 قطعة مذهبة، كانت متفرقة، تُعرض الآن بأسلوب عرض متحفي هو الأحدث عالمياً، يروي القصة الكاملة للملك الذهبي. وفي ظل افتتاح المتحف المصري الكبير، تزيد أهمية هذا العرض العالمي للكنوز.
ولا يتوقف الإبهار عند هذا الحد؛ فالمتحف يحتضن “مركبي خوفو الشمسية”، اللتين تسبحان في قاعات خاصة بعد عملية نقلٍ هندسية معقدة، شاهـدة على براعة المصريين قبل 4600 عام. وكجانب من افتتاح المتحف المصري الكبير، يقدم للزوار أول “مسلة معلقة” في العالم، في تصميم هندسي فريد.
إن هذا الصرح ليس مجرد مكان لعرض الآثار، بل هو مركز عالمي للبحث والترميم، يضم مختبرات متطورة عملت على مدى سنوات على إنقاذ وترميم آلاف القطع الأثرية، في تأكيد جلي على دور مصر الإنساني في الحفاظ على التراث البشري. من خلال افتتاح المتحف المصري الكبير، تؤكد مصر التزامها بهذا الدور.

تمثال الملك رمسيس الثاني العظيم واقفاً بشموخ وسط تصميم معماري داخلي فخم ومضاء.


احتفالية تليق بأرض الحضارات
كان الحفل عرضاً عالمياً يجمع الشرق والغرب على أرض مصر. بدأ في السابعة مساءً بتوقيت القاهرة، بحضور 79 وفداً رسمياً، يتقدمهم 39 من الملوك والأمراء ورؤساء الدول والحكومات.

وقد قاد فخامة الرئيس السيسي والسيدة الأولى، السيدة انتصار السيسي، هذا العرس الحضاري. وبلمسة رمزية، وضع سيادته القطعة الأخيرة في نموذج مصغر للمتحف، إيذاناً بالافتتاح الرسمي.
عزفت أوركسترا ضخمة تضم 120 عازفاً، بقيادة المايسترو ناير ناجي، مقطوعات موسيقية ملحمية تجسد رحلة النيل الخالد. وكان من بين كبار الحضور: الملك فيليبي من إسبانيا، الملك فيليب من بلجيكا، الملكة ماري من الدنمارك، الملكة رانيا من الأردن، الأمير ألبرت من موناكو، وسمو الشيخ خالد بن محمد، ولي عهد أبو ظبي. كما حضر الرؤساء: الألماني فرانك فالتر شتاينماير، والفلسطيني محمود عباس، والإريتري أسياس أفورقي. وشارك أيضاً رؤساء وزراء هولندا، المجر، اليونان، بلجيكا، الكويت، لبنان، وأوغندا، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى من السعودية، عمان، البحرين، اليابان، وتايلاند، في مشهد يعكس ثقل مصر الدبلوماسي والثقافي.
رسالة مصر للعالم: سلام، حضارة، ومستقبل
بعد الافتتاح المتحفي، اصطحب فخامة الرئيس السيسي ضيوفه الكرام في جولة داخل المتحف،
حيث شملت الجولة الدرج العظيم وقاعات توت عنخ آمون، في مشهد يعكس فخر القائد بإنجاز أمته. وقد كان افتتاح المتحف المصري الكبير خطوة حضارية تضاف إلى إنجازات الدولة المصرية.

عرض داخلي في المتحف المصري الكبير يضم صورة كبيرة لوجه الملكة نفرتيتي وقناع توت عنخ آمون الذهبي عن قرب.


وفي لفتة إنسانية تاريخية، شهد الحفل تكريماً لاسم “حسين عبد الرسول”، الطفل المصري الذي كان أول من دل على مدخل مقبرة توت عنخ آمون، وهو تكريم يُبرز تقدير الدولة المصرية لكل من ساهم في كتابة تاريخها.
اليوم، تفتح مصر ذراعيها للعالم، ليس فقط لاستقبال 5 ملايين زائر متوقع سنوياً، بل لتبعث رسالة بأنها كانت وستظل “مهد الحضارة وقلعة الإنسانية”. إن المتحف المصري الكبير هو جسر مصر المتين بين الماضي السحيق والمستقبل الواعد. افتتاح المتحف المصري الكبير يتوج هذا الجسر ويعززه.
تحيا مصر، ويدوم تراثها منارةً للإنسانية جمعاء.